تكمن الاهمية فى الاقتصاد بما يظهره من أثر إيجابي على المجتمع حيث أنه من الممكن أن نرى مشاكل التضخم والبطالة الجماعية متفشية فى المجتمع ومدمرة له، وعلى الاقتصاد تفادى هذه المشاكل من خلال سن سياسات اقتصادية مثالية كسياسات الحد من البطالة وسياسات تخفيض التضخم ، وفى انتهاج ذلك من الممكن أن يحقق تعافيا كبيراً في الرفاهية الاقتصادية.
ويعبر الاقتصاد عن مسار البشرية عبر التاريخ وحجم العلاقات التي تربطها ، فالثورة الصناعية التي شهدها العالم اثر على النهضة العلمية في القرن الثامن عشر الميلادي ولم يكن لأحد أن يقدر آثارها السلبية آنذاك بقدر ما كانت آثارها الإيجابية ملموسة في مختلف النواحي الاجتماعية والاقتصادية ليعود حاليا نفس العقل البشري ويفضل التقدم التكنولوجي الذى حققه ليدق ناقوس الخطر ويعلم أن العالم الان يعانى من مخلفات العقود ، فالتقدم له مخاطر تفوق فوائده فالغازات السامة المنبعثة من المصانع والنفايات والاستهلاك المفرط واللاعقلانى للموارد الطبيعية من أهم الأسباب المباشرة للتلوث البيئى وتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري .
ويتفق معظم علماء المناخ أن السبب الرئيسي لظاهرة(الاحترار العالمى) الحالية هو ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض بفعل ازدياد معدل ( الاحتباس الحراري) جراءة النشاط البشري من حرق الوقود الاحفورى _ الفحم والغاز والنفط _وهو ما زاد تركيز الغازات الدفيئة _ مثل ثانى أكسيد الكربون والميثان _ فى الغلاف الجوي لكوكب الارض وتتميز بقدرتها على امتصاص الأشعة تحت الحمراء التي تطلقها الأرض فتحتفظ بها وترفع درجة حرارة الهواء ، وبذلك يقلل من ضياع الحرارة من الأرض إلى الفضاء مما يجعلها تساهم في تسخين جو الأرض وبالتالى ظاهرة الاحتباس الحراري .
وتشغل اليوم قضية تغير المناخ والارتفاع غير المنضبط في معدل درجة الحرارة في العالم كله بفعل تداعياتها المتوقعة على الاقتصاديات العالمية ، فكل الأزمات التي يعانيها الاقتصاد العالمي فى الوقت الحالى أنها في الأصل متصلة بالبيئة ، كما تؤكد العديد من الدراسات أن الانبعاثات الغازية الناتجة عن النشاط البشري في المجالات المختلفة لاستخدام الطاقة أدت إلى احتباس حراري عالمى غير مسبوق أثرت على كوكب الأرض.
ولقد شهد عالمنا المعاصر في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ازدياد آثار التغير المناخي والذي سببه عمليات طبيعية أو داخلية أو قوى خارجية أو تغيرات في بيئة الغلاف الجوي أو فى اتساع رقعة اليابسة ، وتمثلت ارهاصات هذا التغير بالاعاصير والفيضانات وارتفاع درجة الحرارة الناجمة عن انبعاثات الغازات والتي شكلت تهديدا للمجتمع الدولي وللاقتصاد العالمى برمته .
ولقد أصبح تغير المناخ أكثر إلحاحا وأحد أهم الأخطار التي تواجه البشرية في الوقت الراهن خصوصا مع إعلان الرئيس الأمريكي السابق دولاند ترامب في يوليو ٢٠١٧ انسحاب بلاده من اتفاقية باريس لمحاربة تغير المناخ الأمر الذي وعد به خلال حملته الانتخابية تحت شعار ( الدفاع عن الوظائف الأمريكية) ويعتقد ترامب أن الاتفاق لا يصب في صالح واشنطن حيث يفرض قيوداً مالية واقتصادية شديدة عليها .
ولقد تبنت ١٩٧ دولة اتفاق باريس فى مؤتمر الأطراف _كوب٢١_فى ١٢ ديسمبر ٢٠١٥ ودخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد أقل من عام ويهدف إلى الحد بشكل كبير من انبعاثات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية فى هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعى الى الحد من الزيادة إلى ١.٥ درجة .
هذا وقد أكد التقرير الذي نشرته اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغيرات المناخ التابعة للأمم المتحدة في نهاية عام ٢٠٠٧ أن التغير في المناخ العالمي الناتج عن النشاط الإنساني قد بدأ فعلا وان استمرار هذا التغير واحتمالات استجابة المجتمع الدولي له لن تكون سريعة كما يعتبر حجة قوية للتوقع بأن تغير المناخ سوف يكون أكثر خطورة في المستقبل عما هو مقدر في الوقت الحالي ، وتوقعت دراسات اللجنة الحكومية الدولية مزيداً من الفيضانات والأعاصير القوية وارتفاع منسوب مياه البحار بما يصل إلى ٥٩سنتيمترا خلال القرن الحالي.
ولقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن الآثار الحالية والمستقبلية للتغير المناخي على الإنسان والمجتمع سلبية وستظل مالم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات سريعة وفعالة للحد من هذه الظاهرة ، وتتمثل الآثار الاقتصادية للتغير المناخي على اقتصاديات دول العالم في تحمل القطاع المالي ملايين الدولارات جراء الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية كما سيؤدي إلى خسائر في الأسواق المالية في العالم ، كذلك تؤدي التغيرات المناخية إلى إنخفاض الإنتاج الزراعي والأمن الزراعى وهذا الوضع ناتج عن إنخفاض مستوى ونوعية وكمية المياه ، وتعتبر السياحة من بين القطاعات الاقتصادية الاكثر حساسية للتأثيرات المحتملة للتغير المناخي كما هو الشأن بمجال الزراعة والبيئة والمياه ، ويرتبط قطاع السياحة ارتباطاً وثيقا بالمناظر الطبيعية والميزات البيئية والخصائص الثقافية للمنطقة وهو بطبيعته شديد الحساسية التقلب والتغير المناخي.
وتجدر الإشارة إلى أن تغير المناخ سيكون أكثر حدة على اقتصاديات الدول النامية التي تعتمد بشكل أساسي على قطاع الزراعة والسياحة ، وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الدول النامية ستتحمل حوالي من ٧٥%الى80% من تكاليف الأضرار التي تنجم عن تغير المناخ ، فارتفاع درجة حرارة الأرض ولو بدرجتين مئويتين عن درجة الحرارة التى كانت سائدة قبل الثورة الصناعية يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي بحوالي من4%الى 5% بالنسبة لأفريقيا وجنوب آسيا مقارنة بحوالي 1%فى الدول المتقدمة.
وبالتالي إذا لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات فعالة حيال أزمة التغيرات المناخية فإن كوكب الارض معرض لارتفاع درجة حرارته في شكل يؤدي إلى كوارث متنوعة من شأنها أن تتسبب في تراجع مكاسب التنمية عقوداً إلى الوراء ، ناهيك عن أن قضية التغيرات المناخية بانت محوراً رئيسياً في تحديد مستقبل كل الدول والمجتمعات فى القرن الحالي.
وللحديث بقية...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق